il y a 9 ans 11 mois - il y a 9 ans 11 mois#582par maysar
COM_KUNENA_MESSAGE_CREATED_NEW
للمرة المليار تخيب الدولة المغربية بكل مؤسساتها تطلعات أمازيغ الجنوب الشرقي وسوس الكبير، فرغم هول الدمار وحجم المأساة والمعاناة، وفداحة الكارثة والخسائر في الأرواح، لم
تعقد حكومة المغرب أي اجتماع استثنائي أو تقدم على أي خطوة تجعل منكوبي الفياضانات من مواطني المغرب الأمازيغي العميق، يلمسون عمليا وجود شئ اسمه الدولة في أمر مرتبط بغير قمعهم ونهبهم وتهميشهم واحتقارهم، بل حتى ذينك الوزيرين اللذان يتجولان في مواكب رسمية في عمالات سوس، لم يخطر ببالهما التحرك إلا بعد بروباكندا إعلامية حول توجيهات سامية، لم تسري لا على الحكومة ولا على كل مؤسسات التضامن التي تحمل أسماء العائلات النافذة في البلاد، والتي لا نراها تعمل إلا حين يحل موسم الصيف حيث قوافل الأمازيغ التي تدخل للبلاد من بلدان أوروبا لزيارة العائلات حاملة العملة الصعبة لخزينة الدولة.
وبمناسبة الحديث عن الجالية الأمازيغية بأوروبا والدولة والنهب والعملة الصعب، فمدينة صغيرة كتيزنيت مثلا تشكل وحدها ثروة وطنية في هذا المجال، خاصة وأنها تنتمي لإقليم ككل الأقاليم الأمازيغية التي استهدفت حين توقيع اتفاقية اليد العاملة مع فرنسا سنوات الستينيات بالتهجير نحو أوروبا، ونتحدث عن التهجير لأن دولة الإحتقلال كما سماها عبد الكريم الخطابي استغلت اتفاقيتها مع فرنسا، لتفرغ مصادر الممانعة السياسية بالمغرب بتهجير أبناء تلك المناطق نحو أوروبا ليعملوا في ظروف قاسية، ويعود غالبيتهم مع بيض العملة الصبعة الذهبي لخزينة الدولة التي لا يهمها إلا ذلك، وبعاهات جسدية أو أمراض نفسية لعائلاتهم تستعصي على العلاج ووالدي ضمنهم.
هذه الدولة بعد أن خانت المقاومة المسلحة وجيش التحرير الأمازيغيين وتواطأت مع الإستعمار ضد المقاومين وقتلت من ثار ضد خيانتها، هجرت الباقي نحو الخارج لذا نجد أن الجالية المغربية بأوروبا وغيرها أمازيغية مائة بالمائة إلى درجة أن اللغة الأمازيغية تعد اللغة الثانية في فرنسا بعد الفرنسية.
دولتنا المحترمة بعد كل جرائمها ضد الأمازيغ وبدل أن تدفع ثمنها صارت تستفيد من معاناتهم التي تعود عليها بالملايير من العملة الصعبة، وتنهب ثرواتهم، وتترامى على أراضيهم، وبالمقابل لا تقدم لهم أي شئ فلا تنمية ولا اعتراف ولا مساواة مع باقي المغاربة من أصحاب الدماء الزرقاء أو سكان مراكز المغرب النافع ولا أي شئ.
يستبد بي الغضب كثيرا وتتملكني الرغبة في التمرد وأنا أستحضر عائلتي المشتتة بين المغرب وفرنسا وهو حال كل عائلات مدينة صغيرة كتيزنيت، وحال كل مدن الأمازيغ التي إن لم يتشتت أبناؤها بين المغرب وفرنسا، فإنهم يضطرون لذلك في بقية مدن المغرب والسبب طبعا الحكرة والإقصاء والتهميش في كل المجالات فلا فرص عمل ولا تنمية ولا أي شئ بل نهب للثرواث وسرقة في وضح النهار واضطهاد.
الجنوب الشرقي وسوس الكبير من أغنى مناطق المغرب من حيث الثروات، لكن في الوقت ذاته من أفقر مناطق البلاد فيما يتعلق بالبنيات التحتية من طرق ومستشفيات ومدارس ومراكز وجامعات، ولا أدري لما أتحدث بصيغة الجمع عن الجامعات مادامت لدينا جامعة واحدة في أكادير يتكدس فيها الطلبة المنتمين للجنوب الشرقي بأكمله، وسوس الكبير بأكمله، والصحراء بأكملها، لدرجة أن
شخصا مثلي يعتبر في ظل ذلك الإكتظاظ والفوضى أمرا عاديا أن يتقدم بطلب تسجيل في الجامعة، وحين تمر فترة التسجيل ويذهب ليتسلم بطاقة الطالب الخاصة به يجد أنه يعتبر غير مسجل أصلا، أمر عادي حين يحدث مرة في ظل تلك الفوضى، لكن حين يحدث ثلاث مرات وفي المرة الثالثة تجد أن ملف الطالب الخاص بك مختفي كليا، وبالكاد يعثر موظف لطيف وصبور بعد أن يقلب كل أدراج الشؤون الطلابية رأسا على عقب على كل ما تبقى منه وهو شهادة الباكالوريا فتلك مسخرة.
حال أمازيغ الجنوب الشرقي وسوس متماثل ومعاناتهم واحدة وما ينطبق على الجامعة ينطبق على كل شئ، رغم أنه تتواجد في كلا المنطقتين مناجم وثروات هائلة، إذ في تافراوت مثلا ظلت شركة تابعة للهولدينغ الملكي تستخرج الذهب لعقود، وحين استنفذت الذهب سرحت عددا من العمال وشرعت في استخراج الفضة ومعادن أخرى، لكن الكارثة أن القرى والمدن المحيطة بالمنجم لا تتوفر ولو على طريق واحد سليم، بل أكثر من ذلك يبست الأرض وتلوثت مياه الشرب وهجر الناس والويل لمن يتكلم ومن يجرؤ على تحدي الهولدينغ الملكي.
نفس القصة في منجم إيميضر بالجنوب الشرقي حيث يعتصم الأمازيغ للسنة الثالثة على التوالي في أطول اعتصام بتاريخ المغرب أمام أكبر منجم للفضة بإفريقيا، ومن يرى صور المعتصمين وقراهم ومساكنهم ويلقي إطلالة على مستوى البنيات التحتية بالمنطقة المحيطة بالمنجم سيتجمد من شدة الدهشة والتعجب لحجم السرقة والنهب والإحتقار الذي يتعرض له الأمازيغ وعدم الإكتراث الذي تقابل به احتجاجاتهم من أجل حقوقهم.
هي فقط نماذج وأمثلة وثمة الآلاف مثلها، وما يؤجل غضب الأمازيغ هو أنهم اعتادوا نسيان وجود الدولة إذ يتضامنون فيما بينهم، ويشقون ما استطاعوا من طرق ويبنون ما استطاعوا من جسور، ويمدون قنوات المياه وأسلاك الكهرباء إلى قراهم التي لا تكترث لها الدولة إلا حين يتعلق الأمر بوجود منجم أو توتر قد يمس بأمن النهابين واللصوص والعنصريين.
أتساءل دوما ما فائدة هذه الدولة بكل مؤسساتها ولماذا لا يثور الأمازيغ ما دام الحاكمين لا ينهبوننا ويهجروننا ويبتزونا ويستغلونا فحسب، بل أكثر من ذلك يقدمون على أمور في غاية الاستفزاز كأن تجمع عصابة من الفاسدين على منع مجرد الحديث بلغتنا في البرلمان المغربي الذي يصلون إليه بشراء الأصوات، وتقوم كمشة من الخونة على حرماننا من مجرد تسمية أبنائنا بأسماء أمازيغية ومعرفة تاريخنا والاعتزاز بكل مقوماتنا لأكثر من نصف قرن، ولا زالوا مستمرون مصرون على المضي في احتقارنا وإذلالنا، وحين نتحدث عن حقوقنا يتهموننا بالعنصرية والسعي للفتنة، أليس هؤلاء يستحقون أن نهدم على رؤوسهم ورؤوسنا سقف هذا الوطن مادام ولأكثر من نصف قرن يقف فوق أعمدة إذلالنا واحتقارنا.
شخصيا لم أعد أريد سوى الإنتقام وأن يدفع المجرمون في حق شعبنا ثمن كل جرائمهم التي ارتكبوها على مدى عقود، سياسية كانت أو لغوية أو ثقافية أو اقتصادية أو اجتماعية، ولا يهم من سيحكم فيما بعد وكيف سيكون شكل الدولة ولكني متأكد أنه سيكون لتلك المرحلة نساؤها ورجالها، أما جيلنا فعلى ما يبدوا مكتوب عليه أن يكون وقود تمرد أو ثورة ولو قضى حياته في المحاولة فقط.
وفي انتظار يوم العدالة، لنعلن الحداد على وفاة الدولة لأننا تأخرنا في ذلك كثيرا فنحن شعب بدون دولة منذ عقود..